سورة النساء - تفسير أيسر التفاسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16)}
{واللذان} {يَأْتِيَانِهَا} {فَآذُوهُمَا}
(16)- نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الرَّجُلَينِ إذَا فَعَلا اللّوَاطَةَ، وَكَانَ الحُكْمُ أنَّهُ إذَا ثَبَتَ الفِعْلُ عَلَى الرَّجُلينِ آذَاهُما المُسْلِمُونَ بِالضَّرْبِ وَالشَّتْمِ وَالتَّعْيِيرِ، وَهَذا العِقَابُ يُنْزَلُ بِهِما إذا لَمْ يَتُوبا وَيُصْلِحَا، فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحا عَمَلَهُمَا وَغَيَّرا أَحْوَالَهما، بِالإِقْبَالِ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ مِنْ أدْرَانِ المَعَاصِي التِي فَرَطَتْ مِنْهُما، فَيَأمُرُ اللهُ تَعَالَى بِالكَفِّ عَن إِيْذَائِهِمَا بِالقَوْلِ وَالفِعْلِ، لأنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَى العَبْدِ التَّائِبِ، وَهُوَ وَاسِعُ الرَّحْمَةِ.
وَبَقِيَ الحُكْمُ كَذَلِكَ حَتَّى نَسَخَ بِآيَةِ الجَلْدِ مِنْ سُورَةِ النُّور، وَبِالسُّنَّةِ فِي رَجْمِ المُحْصَنِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ رَأَيْتُمُوهُ يَعْمَلْ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الفَاعِلَ وَالمَفْعُولِ بِهِ» وَمِنَ المُفَسِّرينَ مَنْ قَالَ إنَّ المَقْصُودَ هُنا الزَّانِي وَالزَّانِيَةُ اللّذَانِ يَرْتَكِبَانِ جَرِيمَةَ الزِّنى. فَإذَا ثَبَتَ الفِعْلَ عَلَيْهِما، كَانَ عَلَى المُسْلِمينَ أنْ يُؤْذُوهُمَا بِالتَّوبِيخِ وَالتَّأنِيبِ، وَالأوَّلُ أَظْهَرُ.


{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)}
{بِجَهَالَةٍ} {فأولئك}
(17)- إنَّ التَوْبَةَ التِي أَوْجَبَ اللهُ تَعَالَى عَلى نَفْسِهِ الكَرِيمَةِ قُبُولَها بِوَعْدِهِ كَرَماً مِنْهُ وَتَفْضُّلاً، لَيْسَت إلا لمَنْ يَجْتَرِحَ السَّيِّئَاتِ بِجَهَالةٍ تُلابِسُ النَّفْسَ مِنْ ثَوْرَةِ غَضَبٍ، أوْ تَغَلُّبِ شَهْوَةٍ، ثُمَّ لا يَلْبَثُ أنْ يَنْدَمَ عَلَى مَا فَرَّطَ مِنْهُ، وَيُنِيبُ إلى رَبِّهِ، وَيَتُوبُ وَيُقْلِعَ عَنْهَا. فَأولَئِكَ الذِينَ فَعَلُوا الذُّنُوبَ بِجَهَالَةٍ وَتَابُوا بَعْدَ زَمَنٍ قَلِيلٍ، يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِم، لأنَّ الذُنُوبَ لَمْ تَتَرَسَّخُ فِي نُفُوسِهِمْ وَلَم يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ.
وَاللهُ تَعَالَى عَلِيمٌ بِضَعْفِ عِبَادِهِ، وَأَنَّهُم لا يَسْلَمُونَ مِنْ عَمَلِ السُّوءِ، فَشَرَعَ بِحِكْمَتِهِ قَبولَ التَّوْبَةِ، فَفَتَحَ لَهُمْ بَابَ الفَضِيلةِ، وَهَدَاهُمْ إلى مَحْوِ السَّيِّئَةِ.
السُّوءَ- هُوَ العَمَلُ القَبِيحُ الذِي يَسُوءُ فَاعِلَهُ إذَا كَانَ عَاقِلاً سَوِيَّ الفِطْرَةِ.
الجَهَالَةُ- الجَهْلُ وَتَغَلُّبُ السَّفَهِ عَلَى النَّفْسِ عِنْدَ ثَوْرَةِ الشَّهْوَةِ أوِ الغَضَبِ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهَا الحِلْمُ وَتَنْسَى الحَقَّ.
يَعْمَلُونَ السُّوءَ- يَفْعَلُونَ مَا يَسُوءُ.


{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)}
{الآن} {أولئك}
(18)- أمَّا الذِينَ يَفْعَلُونَ السَّيِّئَاتِ، وَيَسْتَمِرُّونَ فِي فِعْلِهَا وَهُمْ مُصِرُّونَ عَلَيها، وَلا يَتُوبُونَ حَتَّى آخِرِ لَحْظَةٍ مِنْ حَيَاتِهِم، أيْ حَتَّى يَحْضُرُهُمْ مَلَكُ المَوْتِ، فَيَقُولُونَ: تُبْنَا الآنَ، وَالذِين يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ، فَهَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ يَتَوَعَّدُهُمُ اللهُ تَعَالَى بِالعَذَابِ الأَلِيمِ المُوجِعِ الذِي أَعَدَّهُ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ. (وَجَعَلَ اللهُ تَوْبَةَ التَّائِبِ وَهُوَ عَلى فِرَاشِ المَوْتِ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ).

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9